المساء نيوز – الداوي مصطفى مراسل اسبانيا
كشفت الشرطة الوطنية الإسبانية عن واحدة من أكثر قضايا الاحتيال تعقيداً وغرابة داخل نظام حماية القاصرين، بعد أن تمكنت من تفكيك شبكة منظمة كانت تستغل هذا النظام لتحقيق مكاسب مالية والحصول على تصاريح إقامة قانونية في البلاد بطرق غير مشروعة.
ووفقاً لبيان رسمي صادر عن الشرطة الإسبانية، فقد أسفرت العملية الأمنية التي نُفذت بمدينة تاراغونا عن اعتقال 30 شخصاً وإعادة 22 طفلاً إلى أسرهم الحقيقية، بعدما تبين أن أولياء أمورهم تخلوا عنهم عمداً فور وصولهم إلى إسبانيا، في خطوة محسوبة تهدف إلى إدخالهم ضمن منظومة رعاية الأطفال المهاجرين.
وتعود خيوط القضية إلى عام 2023، حين لاحظت السلطات الإسبانية نمطاً متكرراً لعائلات تصل إلى الأراضي الإسبانية بتأشيرات سياحية قصيرة الأمد من نوع “C”، لتقوم بعد ذلك بترك أطفالها قرب مراكز الشرطة أو مؤسسات رعاية الأحداث، موجهةً إياهم للإبلاغ عن “تخلي الأسرة عنهم”. هذا السلوك كان يسمح بإدماج القاصرين ضمن نظام الرعاية الذي يضمن الإيواء، التعليم، والرعاية الصحية على نفقة الدولة.
لكن التحقيقات كشفت أن الهدف الحقيقي وراء هذه العمليات لم يكن إنقاذ الأطفال أو حمايتهم، بل التحايل على القوانين الإسبانية لفتح الطريق أمام طلبات لمّ الشمل العائلي مستقبلاً، وهو ما يتيح للعائلة الحصول على تصاريح إقامة قانونية في البلاد.
وخلال العملية، راجعت المصالح المختصة 124 ملفاً لقاصرين داخل مراكز الحماية، ليتبين أن 109 حالة منها احتيالية، نتج عنها اختلاس مبالغ مالية تجاوزت 1.5 مليون يورو من أموال الضمان الاجتماعي الإسباني.
كما أظهرت نتائج التحقيق وجود نموذجين من الأسر المتورطة في هذا المخطط:
الفئة الأولى: أسر ميسورة الحال، تحمل تأشيرات “شنغن” متعددة الدخول، تخلت عن أطفالها ثم عادت إلى بلدانها الأصلية، لكنها ظلت تزور الأطفال بشكل منتظم لإيهام السلطات باستمرار التواصل الأسري.
الفئة الثانية: أسر محدودة الدخل، بقي بعض أفرادها في إسبانيا بعد تنفيذ خطة التخلي، مع الاستمرار في التواصل الهاتفي مع أبنائهم القاصرين داخل المراكز.
وتعد هذه القضية من أكبر فضائح استغلال نظام حماية القاصرين في تاريخ إسبانيا الحديث، إذ كشفت عن ثغرات قانونية خطيرة سمحت بالتلاعب بمنظومة الرعاية الاجتماعية لأغراض احتيالية، ما دفع السلطات الإسبانية إلى إطلاق مراجعة شاملة للإجراءات القانونية المعتمدة في هذا المجال لتفادي تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً.
