بقلم : عبدالله حافيظي السباعي
لن أعود الى دفاتري في المدرسة الإدارية من سنة 1975 إلى 1978 ، ولا لمحاضرة أساتذتي الاجلاء في تلك المدرسة وخاصة أساتذة القانون الإداري اذكر من بينهم الدكتور السوداني المرغيني والدكتور سعيد بلبشير وحتى الدكتور ادريس البصري الذي درسنا حصصا تعد على رؤوس الاصابع ، كل تلك الدروس والمحاضرات لن اعتمد عليها في تدبيج هذا المقال حوّل الانتخابات المغربية ما لها وما عليها …
هناك فرق كبير بين النظرية والواقع المر الذي نعيشه والذي هو واقع مر يعذبنا …
وزارة الداخلية المغربية لها واقع واحكام وحسابات تخصها وتهمها وحدها … جربت نمط الاقتراع الاحادي منذ بداية الاستقلال إلى منتصف التسعينيات من القرن الماضي وكان هذا النمط يطاوعها زمن الأوراق الملونة ، وبعد الوعي والمطالبة بالديموقراطية ، وبعد تفكير مليء اهتدت وزارة الداخلية إلى نمط الاقتراع باللائحة لحاجة في نفس يعقوب قضاها … وتركت الاقتراع الاحادي في الجماعات القروية الصغيرة لكي توازي بها لعبة الشطرنج السياسي …
حتى الاحزاب التي تدعي الوطنية دخلت في اللعبة وقبلوا بالاقتراع باللائحة لانه يخدم تطلعاتهم الانانية في فرض وجوه تفرض وجودها على الاحزاب بدون ديموقراطية داخلية ولا هم يحزنون …
الاقتراع باللائحة يفترض ان يكون مع احزاب تتمتع بديموقراطية داخلية حتى تكون اللائحة منتخبة انتخابا ديموقراطيا قبل تزكيتها لتكون لائحة الحزب الرسمية التي يتم الانتخاب عليها بصفة ديموقراطية ،
اغلب اللوائح التي قدمت في الانتخابات الماضية لوائح تشم فيها رائحة المحاباة والمحسوبية ، لائحة رؤساء الاحزاب واخوانهم وأخواتهم واصدقائهم وأفراد أسرهم وخليلاتهم …
فالذي يدعي ان هناك ديموقراطية داخلية حزبية فانه معتوه او مخبول او ناقص عقل …
سنة 2015 خلال الانتخابات الجماعية اتصل بي بعض الاصدقاء من حزب العدالة والتنمية من اجل الترشح معهم ، ولعلاقتي بهؤلاء الأصدقاء مند دراستنا بثانوية يوسف بن تاشفين بأكادير مع الصديقين المرحوم عبدالله بها والدكتور سعد الدين العثماني وحاليا مع جاري الدكتور عبدالسلام بلاجي والصديق عبدالجبار القسطلاني قبلت مبدأ الترشح مع حزب العدالة والتنمية ترشحا بالنسبة لي نضاليا وتشجيعيا باعتباري عميد زاوية قد يصوت مريدها لهذا الحزب …
وقعت في البداية على لائحة الترشيح لمقاطعة السويسي بالرباط على اساس انني الثالث في الترتيب ، وبعد اسبوع وقبل نهاية مدة الترشيح بيوم واحد جاء الاخوان بدفاتر المصادقة على التوقيع إلى منزلي بحي النهضة واخبروني ان الحزب قرر اعطائي المرتبة الخامسة بذل الثالثة التي سبق لي ان صادقوا عليها ، بدون تردد وقعت وصادقوا على توقيعي لان الترشح بالنسبة لي هو تشجيع للحزب الذي كنا نعلق عليه امالا كبيرة لانقاد البلد …
ترشيحي في حزب العدالة والتنمية هو برهان قاطع بانه لا ديموقراطية داخلية في الحزب ولا هم يحزنون ، انه تبادل لعب ادوار كما هو الشأن في الاحزاب الاخرى فكل اولاد عبد الواحد واحد كما يقول المثل المغربي …
بعد ظهور النتائج وقع ما يطلق عليه التسونامي الانتخابي حيث أكتس حزب العدالة والتنمية الأغلبية الساحقة من بلديات المغرب ولم ينج منها إلا الجماعات القروية النائية التي كان الاقتراع الاحدي هو السائد فيها …
في بلدية السويسي بالرباط التي كان لا ينجح فيها إلا مستشار إسلامي واحد نجح فيها هذه المرة ثمانية مستشارين و 11 مستشار من حزب الأصالة والمعاصرة واثنان من حزب الاحرار واثنان من حزب الاستقلال وعند تكوين المكتب جائت التعليمات من عند الجنرال بنكيران على ان يصوت البجديين لمنح الرئاسة لحزب الاحرار الشيء الذي تعجب منه الجميع …
قلنا لهم ان المنطق يقول إذا كان فرض علينا التنازل ان نتنازل لمحزب التراكتور لانه حصل على اكبر عدد من المستشارين ، قالوا ان المفاوضات بين الاحزاب هي التي فرضت ذلك ، حاولت إقناع بنكيران ومن يدور في فلكه بان التضحية لا يجب ان تكون على حساب الحزب فتمسكت بموقفي وتمردت على جنرال الحزب بنكيران وصوت على مرشح حزب التراكتور وتقلدت انا منصب نائبة وكفى الله المومنين القتال … الجنرال بنكيران لو كان يومن بالديمقراطية لطبقها على نفسه فهو انسان أناني نرجيسي يضخي بكرامته من اجل خدمة مصالحه الانانية …
لا ديموقراطية في الاحزاب الحالية فكل شيء مخدوم مسبقا …
زمن الترشيحات في انتخابات 2021 اتصلت برئيس لائحة للترشح معه في مقاطعة اليوسفية بالرباط التي اسكن فيها وقال لي بالحرب الواحد والله على ما اقوله شهيد ان اللائحة اغلقت لان المناصب العشرة الاولى كلها بيعت بثمن لكل مرتبة وان الاموال التي تجمع هي التي تصرف وتشترى بها أصوات الناخبين … تيقنت انذاك ان انتاخاباتنا دخلت سوق النخاسة ولا فائدة ترجى من ورائها …
ما دامت الدولة المغربية تتبنى الاقتراع باللائحة فلن تكون هناك ديموقراطية لان نفس الوجوه هي التي ستتكرر على المشهد السياسي إلا من غيبته المنون والحمد لله على نعمة الموت التي تساوى فيها الجميع …
لائحة النساء اصبحت ريعا ، ونفس الشيء للائحة الشباب التي يفكرون في الرجوع اليها …
يجب ترك صناديق الاقتراع تقول كلمتها إذا اراد المجتمع الانتخاب على النساء جميعا او على الرجال او على الاطفال فذالك شأنه …
ما دامت الاحزاب تساير وزارة الداخلية في هواها وعدم المطالبة بانشاء هيئة مستقلة لإجراء والإشراف على الانتخابات فان اللعبة مكشوفة بين الاحزاب والدولة …
في دولة تباع فيها التزكيات ، وتشترى فيها الأصوات بماتي درهم فلا امل في ديموقراطية لان فاقد الشيء لا يعطيه …
الاقتراع في دورتين قد يكون حلا ناجعا رغم ان وزارة الداخلية تستبعده لانه يتطلب مصارف باهضة حسب قولها رغم ان الديمقراطية لا ثمن لها …
تعددت أنماط الاقتراع في بلدنا إلى ان اصبح الناخب لا يعرف لمن ولا على من سيصوت !
تضاف عدد اعضاء البرلمان بغرفتيه ولم نعد نعرف اي احد منهم لكثرتهم ….
تكاثر الظباء على خراش
فما يدري خراش ما يصيد
وحرر برباط الفتح في غرة يوم السبت 23 غشت 2025
